أكد المهندس محمد ناجي العطري رئيس مجلس الوزراء على ضرورة رفع حصة الفرد من المناطق الخضراء ليعادل حصة الفرد في بقية دول العالم وشدد على ضرورة اهتمام السادة المحافظين ورؤساء الوحدات الإدارية بزيادة المساحات الخضراء نظرا للآثار السلبية لتناقصها فهي رئة المدينة التي يتنفس منها المواطن ويجب أن تواكب الزيادة السكانية زيادة في المساحات الخضراء.
وتوقف السيد رئيس مجلس الوزراء خلال افتتاحه فعاليات الندوة الدولية التي تقيمها الجمعية البريطانية السورية بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية برنامج تحديث الإدارة البلدية تحت عنوان المناطق الخضراء في المدن مشكلة أم حل في مكتبة الأسد عند بعض العوامل التي أدت إلى تقلص المساحات الخضراء كالتوسع العشوائي للسكن والزحف باتجاه الأراضي الزراعية وزيادة هجرة سكان الأرياف للمدن إضافة إلى الزيادة المطردة في عدد السكان وزيادة الفعاليات والمنشآت الاقتصادية والصناعية مبيناً أن المدن والمراكز الحضرية هي مراكز التحكم الاقتصادي والبيئي والاجتماعي ومراكز للتنوع الثقافي والثروة فهي تمثل أكثر بكثير من مجرد مساحات تتميز بكثافة سكانية مرتفعة وتسيطر نماذج الإنتاج والاستهلاك فيها على الطريقة التي تربطها بالآخرين اجتماعياً وعلى البيئة لذلك لابد أن تقف وقفه مع الذات فلدينا تاريخنا وجذورنا ويجب أن لا ننسى ونحن نسعى لتحقيق التنمية أن نحافظ على هذه المساحات ونزيدها وأضاف من هنا تأتي أهمية هذا الندوة التي تضم ممثلي الجهات المعنية الحكومية كافة والأكاديمية والشعبية وسيتم خلالها استعراض ومناقشة الواقع البيئي للمدن السورية وتقييم الممارسات على المستوى المحلي كون السلطات المحلية من محافظات ومجالس مدن تتولى المسؤولية الرئيسية على صعيد تنمية المدن والحفاظ على بيئتها وحفظ تراثها الطبيعي والموازنة بينها وبين متطلبات النمو السكاني لافتاً إلى تضافر تلك المسؤولية مع ممارسات الجهات المختلفة التي يتحتم عليها دعم السلطات المحلية بتحقيق مشاريع البنى التحتية ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية دون التأثير على السلامة البيئية واحترام المساحات الخضراء في المدن التي تعتبر الرئات التي تحفظ نوعية الهواء في التجمعات المدنية وملاذ المواطنين وهنا أكد رئيس مجلس الوزراء على المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق المهندسين الذين يستخدمون الألوان في رسوماتهم العمرانية في ترجمة ونقل هذه الألوان على أرض الواقع معتبراً أن هذا من أهم التحديات التي تواجه المسؤولين لرفع حصة الفرد في مدننا السورية من المساحات الخضراء بما يوازي النسب العالمية لأن المدن مثل الكائن البشري يجب أن تتوافر لديها الشرايين والرئات اللازمة والمدن تحتاج كذلك إلى مناطق خضراء وحدائق وبساتين للتنفس.
من جانبه تحدث الدكتور المهندس تامر الحجة وزير الإدارة المحلية مبيناً بالأرقام الواقع الحالي للمساحات الخضراء وحصة الفرد منها كما أشار لأهمية هذه الفعالية التي تأتي بعد أن شهد العالم خلال العامين الماضيين ظهور أزمات عالمية متعددة ذات صلة بالغذاء والمياه وفي الوقت نفسه لا تزال آثار الأزمة المالية قائمة وتعقد الوضع أكثر بتغير المناخ الذي بات ظاهرة زادت من حدة آثار كل أزمة من الأزمات العالمية وأضاف إن هذا الوضع أسهم في تكوين قناعة لدى المخططين العمرانيين وخبراء البيئة والاقتصاديين من أصحاب الوعي البيئي بأن تحقيق إنجاز والتزام في مجال التخطيط العمراني والإدارة البيئية ومعالجة آثار التلوث لن يكون مجدياً اقتصادياً إلا في حال كانت هناك دلائل مقنعة على أن كلفة المعالجة والحماية البيئية المسبقة هي أقل من الكلفة في حال تم تجاهل الآثار البيئية وتراكم التلوث. وأضاف الحجة أن المدن ستستضيف في العالم 60 % من السكان بحلول عام 2030 وفي سورية يقدر أن يصل عدد السكان بفرض نسبة نمو متوسطة 57ر1% لحوالي 43ر27 مليون نسمة عام 2030 يشكل منها سكان المدن والبلدات نحو 65 % محذراً من استمرار التدهور البيئي نتيجة النمو العمراني للمراكز الحضرية ولاسيما أن نسب مساحات مناطق النمو العشوائي في مدن مراكز المحافظات وصلت إلى نحو 20 % ويقطن فيها مايقارب 45ر32 % من سكان هذه المدن.
وأشار وزير الإدارة المحلية إلى أن المدن السورية تتعرض تدريجياً لخطر فقدان هويتها العمرانية والاجتماعية والبيئية وازدياد التدهور الذي يهدد نوعية الحياة فيها بسبب تلوث الهواء والزحف الجائر للمناطق العمرانية على الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء المدينية سواء الموجودة في محيط المدن أو الموجودة ضمنها مبيناً أن المخططات التنظيمية التي تم وضعها أسهمت في إيجاد حلول آنية لتلبية الاحتياجات الإسكانية المحتملة واستجابة لتلبي ظروفاً اقتصادية معينة خاصة خلال فترة الستينيات من القرن الماضي. ولفت الدكتور الحجة أنه خلال فترة التحضير لهذه الندوة نفذت الوزارة دراسة سريعة باستخدام مقارنات الصور الفضائية لنمو المساحات المبنية وتدهور المساحات الخضراء في عينة من المدن السورية الرئيسية أظهرت ازدياد المساحات المبنية في مدن دمشق وحلب وحمص واللاذقية وطرطوس ودير الزور خلال فترة زمنية قدرها 19 سنة بين الأعوام 1988و2007 بمساحة إجمالية وصلت إلى نحو79 كم2 وبنسبة نمو وسطية بلغت 46 % أدناها في حمص 27 % ثم اللاذقية 35 % يليها دير الزور 40 % بعدها دمشق 43 % ثم حلب 55 % تليها طرطوس74 %وذلك حسب المساحات الخضراء التي نقصت بشكل دراماتيكي بمساحة 4ر46 كم2 بالمقابل وبمعدل تناقص وسطي بلغ 22 % على المستوى الإجمالي.
وأخيرا أكد الدكتور الحجة أهمية القوانين والتشريعات التي صدرت في هذا المجال و ضرورة التشدد بتطبيقها خاصة القانون رقم ا لعام 2003 والقانون 59 لعام 2008 وقانوني البيئة رقم 50 والنظافة وجمالية الوحدات الإدارية رقم 49 كما أشار لأهمية قانون التخطيط الإقليمي الذي اقره مجلس الوزراء وسيتم قريبا مناقشته في مجلس الشعب.
من جانبه تحدث الدكتور فواز الأخرس رئيس الجمعية البريطانية – السورية مبينا الغاية من انعقاد هذه الندوة وهو التحاور ودمج الجمعيات الأهلية ومحاولة إشراكها وخلق بيئة للنقاش لإيجاد حلول للمشاكل و توجيه الأنظار نحو قضايا بالغة الأهمية ترتبط بشكل مباشر بالتنمية والحفاظ على أهم مواقع التراث العالمي في سورية وأضاف نحن نلتقي اليوم لتقييم نتائج الندوتين اللتان أقامتهما الجمعية البريطانية السورية بالتعاون مع برنامج تحديث الإدارة البلدية / MAM / الأولى حول دمشق 2020 الرؤية المستقبلية للتنظيم العمراني وشبكة المواصلات – مسالة دراسية شارع الملك فيصل التي عقدت 31 /3/ 2007و تم خلالها إلقاء الضوء على الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات الحكومية بغية الوصول إلى هيكلية متكاملة من المفاهيم والمبادئ الخاصة في عملية التخطيط العمراني لهذه المدينة والثانية بعنوان تدمر رؤية لحفاظ والتنمية التي أقيمت في منتصف آذار 2008 والتي سلطت الضوء على قضايا التنمية الحاصلة في هذه المدينة التي تمثل تحفة فريدة للعبقرية الإنسانية المبدعة ورأى الأخرس أنه رغم النمو في عدد السياح والنشاط السياحي يبقى المخطط التنظيمي لهذه المدينة دون مراجعة ما يهدد بمجموعة من الأخطار تتعلق بتناقص جاذبية المدينة الأمر الذي يشجع المستثمرين لتنفيذ مشاريع تنموية في محيط الموقع الأثري وما يرافق ذلك من أخطار على البيئة والمعالم الأثرية.
وتمنى الدكتور الأخرس في أن يضيف هذا اللقاء لبنة جديدة لمساهمة الجمعية المستمرة في التنمية المحلية في سورية من خلال مناقشة قضية بالغة الأهمية تتعلق بتراجع المساحات الخضراء ضمن المدن السورية مقترحاً إنشاء حديقة وطنية في أحد مكونات خانق الربوة لتجعل من دمشق عاصمة بمعايير دولية تكون بذلك مثالاً للمحافظات الأخرى لأن الإرث الحضاري ذا الأبعاد التاريخية والبيئية الطبيعية النادرة هو العامل المشترك للعديد من المدن السورية إضافة لتحديد إنشاء قائمة تشمل وتعرف المحميات الطبيعية والتاريخية في سورية للحفاظ على هذا الإرث الوطني الهام.
بدأت الندوة أعمالها بجلسة حوارية لتقييم نتائج ندوات الجمعية البريطانية السورية مع / MAM/ ثم قدمت مجموعة من الحالات الدراسية حول انحسار المناطق الخضراء في كل من مدينة حلب ، حمص ، دمشق وأخيرا تمت مناقشة الحلول والمقترحات وخاصة إقامة الشبكات الخضراء في المدن ومبادرة التنمية المستدامة
ويرافق الندوة معرض للصور الفوتوغرافية بالتنسق مع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى / IFPO / حول المواقع التي سيتم التطرق إليها خلال الندوة مع لوحات تعرض لمفاهيم المناطق الخضراء ضمن المدن