ألقى السيد الرئيس بشار الأسد كلمة في دار الاوبرا بدمشق تناول فيها اخر المستجدات في سورية والمنطقة وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
السادة رئيس واعضاء الحكومة:
السادة رؤساء واعضاء قيادات المنظمات الشعبية والنقابات المهنية .. أيتها الاخوات أيها الاخوة:
اليوم أنظر إلى وجوهكم ووجوه أبناء بلدي وقد كساها الحزن والالم أنظر إلى عيون أطفال سورية فلا أرى ضحكة بريئة تشع منها ولا ألعابا تزرع البسمة على وجوههم..أرقب أيادي العجائز فلا أراها الا متضرعة بالدعاء بالسلامة لابن أو ابنة أو حفيد.
وأضاف الرئيس الأسد: نلتقي اليوم والمعاناة تعم أرض سورية ولا تبقي مكانا للفرح في أي زاوية من زوايا الوطن.. فالامن والامان غابا عن شوارع البلاد وأزقتها.. نلتقي اليوم وهناك أمهات فقدن أبناءهن.. خيرة أبنائهن.. وأسر فقدت معيلها وأطفال تيتموا واخوة تفرقوا بين شهيد ونازح ومفقود.
وقال الرئيس الأسد: واذا كان كل هذا الالم يخيم كغيمة سوداء على البلاد فان الحالة الوجدانية وحدها ..على سموها .. ليست كافية لتعويض فقدان الاحبة أو عودة الامن والامان إلى البلاد أو تأمين الخبز والماء والوقود والدواء على امتداد ساحة الوطن.. فمن رحم الالم يجب أن يولد الامل.. ومن عمق المعاناة تجترح أهم الحلول فالغيمة السوداء في السماء تحجب نور الشمس.. لكنها تحمل في طياتها مطرا وطهرا وأملا بالخير والعطاء حينما تمطر.
وأضاف الرئيس الأسد: هذه المشاعر والعواطف من الم وحزن وتحد واصرار هي طاقة جبارة .. لن تخرج سورية من محنتها.. الا بتحويل هذه الطاقة إلى حراك وطني شامل ينقذ الوطن من براثن هجمة لم نشهد أو نتذكر لها مثيلا في تاريخ هذه المنطقة.
وقال الرئيس الأسد: هذا الحراك الوطني هو البلسم الوحيد للجروح العميقة التي أصابت أنسجة مجتمعنا وكادت أن تمزقه.. هو الوحيد القادر على ابقاء سورية جغرافيا وجعلها أقوى سياسيا واسترجاعها اجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا.. فكل مواطن مسؤول بل وقادر على تقديم شيء ولو كان بسيطا أو محدودا بنظره.. فالوطن للجميع ندافع عنه جميعا.. كل بما يستطيع ويملك.. فالفكرة دفاع والموقف دفاع والبناء دفاع والحفاظ على ممتلكات الشعب دفاع.. ولان الهجمة على الوطن كله بما فيه ومن فيه فكل مواطن واع بات يعلم علم اليقين أن السلبية أو انتظار الزمن أو الأخرين ليحلوا المشكلة هو بحد ذاته سير بالبلاد نحو الهاوية.. وعدم المشاركة بالحلول هو اعادة للوطن إلى الوراء لا تقدم به نحو الخروج مما فيه.
وأضاف الرئيس الأسد: ولان كثيرين سقطوا في فخ ما تم تصويره لهم على أن الصراع هو بين حكم ومعارضة أي صراع على كرسي ومنصب وسلطة.. فقد ابتعدوا والتزموا الصمت والحيادية.. وبالتالي فانه من واجبنا جميعا اليوم أن نعيد توجيه الرؤية باتجاه البوصلة الحقيقية للوطن.. فالصراع أيها السادة هو صراع بين الوطن وأعدائه بين الشعب والقتلة المجرمين بين المواطن وخبزه ومائه ودفئه ومن يحرمه من كل ذلك بين حالة الامان التي كنا نتغنى بها وبث الخوف والذعر في النفوس.
وقال الرئيس الأسد: قتلوا المدنيين والابرياء ليقتلوا النور والضياء في بلدنا.. اغتالوا الكفاءات والعقول ليعمموا جهلهم على عقولنا.. خربوا البنية التحتية التي بنيت بأموال الشعب لتتغلغل المعاناة في حياتنا.. حرموا الاطفال من مدارسهم ليخربوا مستقبل البلاد ويعبروا عن جاهليتهم.. قطعوا الكهرباء والاتصالات وامداد الوقود وتركوا الشيوخ والاطفال يقاسون برد الشتاء دون دواء تأكيدا على وحشيتهم أما لصوصيتهم فتجلت في تخريب الصوامع وسرقة القمح والطحين ليتحول رغيف الخبز حلما وليجوع المواطن فهل هذا صراع على كرسي ومنصب... أم هو صراع بين الوطن وأعدائه.. هل هو صراع على سلطة... أم هو انتقام من الشعب الذي لم يعط أولئك الارهابيين القتلة الكلمة المفتاح من أجل تفتيت سورية وتفتيت مجتمعها... انهم أعداء الشعب وأعداء الشعب هم أعداء الله وأعداء الله يحشرون في النار يوم القيامة.
وأضاف الرئيس الأسد: في البداية أرادوها ثورة مزعومة.. فثار الشعب عليهم حارما اياهم من حاضنة شعبية أرادوا فرضها بالمال والاعلام والسلاح خفية وعندما فشلوا انتقلوا إلى المرحلة الثانية فأسقطوا أقنعة السلمية وكشفوا الغطاء عن السلاح الذي كانوا يستعملونه منذ البداية خفية فرفعوه علنا.. وبدؤوا بمحاولاتهم احتلال مدن لينقضوا كالذئاب من خلالها على باقي المدن.. ضربوا بوحشية.. وكلما كانوا يضربون كان الشعب الكبير بوعيه وصموده ينبذهم ويكشف زيفهم.. فقرروا الانتقام من الشعب بنشر الارهاب أينما حلوا وفي أي مكان ودون تمييز.
وقال الرئيس الأسد: يسمونها ثورة وهي لا علاقة لها بالثورات لا من قريب ولا من بعيد.. الثورة بحاجة لمفكرين .. الثورة تبنى على فكر.. فأين هو المفكر... من يعرف مفكرا لهذه الثورة... الثورات بحاجة لقادة.. من يعرف من هو قائد هذه الثورة... الثورات تبنى على العلم والفكر لا تبنى على الجهل.. تبنى على دفع البلاد إلى الامام لا اعادتها قرونا إلى الوراء.. تبنى على تعميم النور على المجتمع لا على قطع الكهرباء عن الناس.. الثورة عادة ثورة الشعب لا ثورة المستوردين من الخارج لكي يثوروا على الشعب.. هي ثورة من أجل مصالح الشعب ليست ضد مصالح الشعب فبالله عليكم هل هذه ثورة وهل هؤلاء ثوار انهم حفنة من المجرمين.
وأضاف الرئيس الأسد: خلف كل ذلك كان التكفيريون يعملون في الصفوف الخلفية عبر عمليات التفجير والقتل الجماعي.. تاركين العصابات في الواجهة.. داعمين لها من الخلف.. وكلما كان الجيش والشعب يدا بيد يصد قتلهم واجرامهم كانوا يقتربون من الانهيار.. عندها لم يجد التكفيريون بدا مما ليس منه بد فانتقلوا للقتال في الصفوف الامامية واستلموا دفة سفينة الدم والقتل والتنكيل.. ولان الفكر التكفيري فكر دخيل على بلادنا كان لابد من استيراده من الخارج افرادا وافكارا.. وهنا انقلبت المعادلة.. تكفيريون..ارهابيون..قاعدة... يسمون أنفسهم جهاديين جاؤوا من كل حدب وصوب.. يقودون العمليات الارهابية على الارض وأما المسلحون وبعد فشلهم نقلوا إلى الصفوف الخلفية كمساعدين بأعمال خطف ونهب وتخريب .. خدم.. وبأحسن الاحوال أدلاء..جواسيس على أبناء جلدتهم لصالح تكفيريين قتلة لا يتكلمون لغة سوي لغة الذبح وتقطيع الاوصال.
وقال الرئيس الأسد: نحن أيها الاخوة.. نقاتل هؤلاء.. وكثير منهم غير سوريين.. أتوا من أجل مفاهيم منحرفة ومصطلحات مزيفة يسمونها جهادا وهي أبعد ما تكون عن الجهاد وعن الاسلام في شيء.. الشيء المؤكد أن معظم من نواجههم الان هم من هؤلاء الارهابيين الذين يحملون فكر القاعدة وأعتقد معظمكم يعرف ويعلم كيف تمت رعاية هذا النوع من الارهاب منذ ثلاثة عقود في أفغانستان من قبل الغرب وبأموال عربية بعد انتهاء مهمة هؤلاء الارهابيين بتفكك الاتحاد السوفييتي وخروجه من أفغانستان انفلت من عقاله وبدأ يضرب في كل مكان ضرب في العالم العربي.. ضرب في العالم الاسلامي وانتقل إلى الغرب.. حاولوا التخلص منه بحرب أفغانستان وحاولوا التخلص منه بطرق مختلفة بعد غزو العراق ولكن هذا الارهاب كان معندا ومستمرا بالانتشار وبدأ يتغلغل في قلب المجتمعات الغربية نفسها فأتت هذه الاحداث في العالم العربي وخاصة في سورية كفرصة سانحة لهذه القوى.. أقصد القوى الغربية لكي تقوم بنقل العدد الاكبر الممكن إلى سورية لتحويل سورية إلى أرض الجهاد وبالتالي يتخلصون من خصمين مزعجين بنفس الوقت.. يتخلصون من الارهابيين ويضعفون سورية العقدة المزعجة بالنسبة للغرب.
وأضاف الرئيس الأسد: هناك منظمة تعني بموضوع الارهاب لا أذكر ما اسمها أصدرت منذ نحو شهر أو أكثر بقليل تقريرا حول تراجع الاعمال الارهابية بشكل عام وخاصة في منطقة أواسط وشرق اسيا.. صحيح لان معظم الارهابيين أتوا إلى سورية من معظم هذه الدول والبعض منهم يأتي من الدول الغربية نفسها.. دخول هؤلاء الارهابيين إلى أي مجتمع هو خطير من الناحية الامنية وهذا من البديهيات ولكن ليس مستحيلا دحرهم عندما نمتلك الارادة والشجاعة لذلك.. ولكن الاخطر هو الدخول بالمعنى الفكري والاجتماعي.. فهذا النوع من الفكر عندما يتغلغل في قلب مجتمع يتحول هذا المجتمع إلى مسخ مشوه وان لم نعالج هذا الموضوع بشكل جدي بغض النظر عن الازمة التي تمر بها سورية بجوانبها السياسية.. وبمعنى آخر يجب أن نسمو فوق الخلافات بالنسبة لهذا الموضوع.. والا فنحن نورث الابناء والاحفاد دماء.. ودماء لاجيال وأجيال.. وسورية التي نعرفها لن تكون موجودة ليس بالضرورة بالاسم أو الجغرافيا وانما على الاقل سورية التي عرفناها كمجتمع ولكن هذا لا يمنع أن هذا النوع من الفكر يخلق فتنة ويدمر الجغرافيا والمعنى السياسي لاي مجتمع يتغلغل فيه.. هذه مسؤولية كبيرة لا بد من أن نتوحد جميعا من أجل مواجهتها .
وقال الرئيس الأسد: لكن للازمة ابعادا أخرى ليست داخلية فقط.. فما يجري بالداخل بات واضحا لمن يريد الرؤية.. أما اقليميا فهناك من يسعى لتقسيم سورية واخرون يسعون لاضعافها.. بعضها يمد المجرمين بالمال والسلاح والبعض الاخر بالدعم والتدريب.. دول عدوة بنيت على الاحتلال والعدوان لا نستغرب ما قامت وما تقوم به.. ودول جارة جارت على سورية وشعبها لتضعفه وتهيمن عليه.. ودول بحثت عن موقع لها في تاريخ لا تمتلكه.. فكتبته بدماء الابرياء من الشعب العربي.. والسوري تحديدا.. لكن سورية وشعبها أقوى وأصلب... ويعدهم بأنه لن ينسى.
وأضاف الرئيس الأسد: وأما دوليا: فليس خافيا على أحد أن سورية كانت وستبقى حرة سيدة لا ترضى الخنوع ولا تقبل الوصاية.. وهذا ما كان يزعج الغرب ولا يزال.. فأرادوا استغلال أحداث داخلية لاخراج سورية من المعادلة السياسية للمنطقة لينتهوا من هذه العقدة المزعجة وليضربوا فكر المقاومة وليحولونا إلى تابعين شأننا شأن الكثيرين ممن حولنا..
لكن المجتمع الدولي لا يقتصر على الغرب فقط فكثير من الدول في العالم وفي مقدمتها روسيا والصين ومعهما دول مجموعة البريكس وغيرها الكثير ترفض التدخل في شؤون الدول وزعزعة الاستقرار في المنطقة انطلاقا من مبادئها ومصالحها وحرصها على حرية الشعوب في تقرير مصيرها.. دول تحترم سيادة سورية واستقلالها وحرية قرارها.. لن ترى منا الا الشكر والتقدير والاحترام المتبادل.. وأخص بالشكر طبعا روسيا والصين وايران.. لكل من وقف إلى جانب الشعب السوري في تقرير مصيره.
وقال الرئيس الأسد: في ظل كل ذلك لا يمكن لنا الحديث عن الحل الا بالاخذ بعين الاعتبار هذه العوامل.. الداخل.. والعامل الاقليمي.. والعامل الدولي.. وأي اجراء لا يغير هذه العوامل لن يسمى حلا حقيقيا ولا تأثير له على الاطلاق.
وأضاف الرئيس الأسد: ولنبدأ من الداخل.. فالخلاف ان كان بنظر البعض في البدايات بين معارضة وموالاة.. وأنا لا أعتقد أنه كان بهذا الشكل منذ البداية.. فهكذا خلاف في العالم المتحضر يكون حول كيفية بناء الوطن لا تخريبه.. حول كيفية تقدمه وتطوره لا ارجاعه عشرات السنين إلى الوراء.. العلاقة بين المعارضة والموالاة تكون علاقة الداخل بالداخل.. أما عندما يصبح جزء من الداخل مسيرا ومرتبطا بالخارج فالصراع هنا بين الداخل والخارج .. بين استقلال الوطن والهيمنة عليه.. بين بقائه سيدا حرا واحتلاله من الخارج سياسيا.. وهنا تتحول القضية إلى الدفاع عن الوطن برمته ويتوحد الجميع ضد العدوان الاتي من الخارج بأدوات بعضها داخلي.. لذلك عندما نقول معارضة خارجية أو أي كلام مشابه لا نقصد المكان الذي يقطن فيه هؤلاء الاشخاص وانما نقصد المكان الذي وضعوا فيه قلبهم وعقلهم.. ارتباطهم ورهانهم.. والاهم تمويلهم.. هذا ما نقصده بالخارج سواء كان يقطن بالداخل أو بالخارج فهناك اشخاص يقطنون في الخارج ولكن يدافعون عن بلدهم.
وقال الرئيس الأسد: نعم أيها السادة ليست معارضة وموالاة ولا جيشا مقابل عصابات وقتلة فحسب.. نحن الان أمام حالة حرب بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. نحن الان نصد عدوانا خارجيا شرسا بشكل جديد وهذا النوع من الحروب هو أشد فتكا وأكبر خطرا من الحروب التقليدية لانها لا تستخدم أدواتها لضربنا بل تجيرنا نحن لتنفيذ مشاريعها.. تستهدف سورية عبر حفنة من السوريين وكثير من الاغراب.. تحاول استخدامنا لقطع أشجارنا وهدم أحجارنا وللاسف بأيدي بعض منا.. وهكذا حرب تواجه بالدفاع عن الوطن بالتوازي مع اصلاح ضروري لنا جميعا والذي قد لا يغير من واقع الحرب شيئا لكنه يقوينا ويقوي وحدتنا ويعزز مناعتنا في مواجهتها.. البعض يعتقد أن هذا الحل أو هذا الاصلاح سيحل المشكلة.. لا .. هو عامل مؤثر ولكن هو ليس كل الحل .
وأضاف الرئيس الأسد: فالاصلاح دون أمان كالامان دون اصلاح.. لا ينجح أحدهما دون الاخر.. وهذا ما كنا نقوله وما زلنا.. ومن كرر كثيرا أن سورية اختارت الحل الامني فهو لا يسمع ولا يرى.. فنحن لطالما قلنا مرارا وتكرارا .. الاصلاح والسياسة بيد والقضاء على الارهاب باليد الأخرى.. ومن يقلب الحقائق تحت هذا العنوان نقل له..عندما يتعرض شخص للاعتداء ويدافع عن نفسه هل نقول دافع عن نفسه أم اختار الحل الامني... فلماذا عندما تدافع الدولة عن الشعب وعندما يدافع الشعب عن الوطن يقولون انهم اختاروا الحل الامني...
وقال الرئيس الأسد: الدفاع عن الوطن واجب ليس مطروحا للنقاش وهو واجب قانوني ودستوري وشرعي وهو خيار وحيد فلا يوجد خيار للحل الامني.. هنا خيار وحيد.. هو الدفاع عن النفس.. فاذا كنا اخترنا الحل السياسي وسعينا اليه منذ الايام الاولى فلا يعني الا ندافع عن أنفسنا.. واذا كنا اخترنا الحل السياسي منذ الايام الاولى فهذا يعني أننا بحاجة لشريك قادر وراغب بالسير في عملية سياسية والدخول في عملية حوار على المستوى الوطني.. واذا كنا اخترنا الحل السياسي ولم نر شريكا فهذا لا يعني أننا لم نرغب.. هذا يعني أننا لم نر شريكا خلال المرحلة الماضية.. بشكل أوضح اذا كان الشخص يريد الزواج وبحث عن شريك ولم يجد من يرغب ويقبل به فهذا لا يعني أنه غير راغب في الزواج.. لذلك اي طرح حول اختيار الدولة في سورية للحل الامني كلام غير صحيح ولم يطرح في يوم من الايام ولم يصرح أي مسؤول في الدولة أننا نختار الحل الامني.
وأضاف الرئيس الأسد: عندما تتعرض لهجوم وتدافع عن نفسك فهذا يسمى دفاعا عن النفس ولا يسمى اختيارا للحل الامني.. فلسنا نحن من اخترنا الحرب.. الحرب فرضت على سورية وعندما تدافع الدولة عن الشعب وندافع عن أنفسنا لا يمكن لعاقل أن يسمي ذلك اختيارا للحل الامني.. فالدفاع عن الوطن واجب وهو خيار وحيد وقبولنا بالحل السياسي لا يعني الا ندافع عن أنفسنا لكن ايضا قبولنا بالحل السياسي يعني وجود شريك سياسي قادر على الحوار وراغب به.
وقال الرئيس الأسد: نحن لم نرفض يوما الحل السياسي.. تبنيناه منذ اليوم الاول عبر دعامته الاساسية وهي الحوار..ومددنا أيدينا لكل من يحمل مشروعا سياسيا وطنيا يدفع بسورية إلى الامام.. لكن مع من نتحاور... مع أصحاب فكر متطرف لا يؤمنون الا بلغة الدم والقتل والارهاب... مع عصابات تؤتمر من الخارج.. تتبع للغريب وأوامره... فيأمرها برفض الحوار لعلمه ويقينه أن الحوار سيفشل مخططاته باضعاف سورية والانتهاء منها وخاصة بعض الدول الاقليمية التي يعلم مسؤولوها أن خروج سورية من أزمتها سيقضي عليهم وعلى مستقبلهم السياسي بعد أن غرقوا وأغرقوا شعوبهم بالاكاذيب وصرفوا مقدرات بلادهم دعما للارهاب ولم يعد بمقدورهم تبرير سياساتهم العدوانية وتورطهم في سفك الدماء وقتل الابرياء.. أم نحاور دمى رسمها الغرب وصنعها وكتب نصوص أدوارها... عندها الاولى أن نحاور الاصيل لا البديل.. نحاور من شكلها لا من يقوم بتأدية الادوار المكتوبة له على خشبات المسارح الدولية.. نحاور السيد لا العبد.
وأضاف الرئيس الأسد: وأما الغرب..سليل الاستعمار وصاحب الختم الاول في سياسة التقسيم والتناحر الطائفي البغيض فهو من سد باب الحوار لا نحن..لانه اعتاد اعطاء الاوامر للامعات ونحن اعتدنا على السيادة والاستقلال وحرية القرار.. لانه أدمن الاجراء والاذلاء ولاننا جبلنا على الكرامة والاباء.. وسنبقى.. فكيف يحاورنا... ولماذا يحاورنا... وبالتالي فان من يتحدث عن الحل السياسي فقط ويتعامى عن هذه الحقائق فهو اما جاهل بالوقائع أو متخاذل يقدم الوطن والمواطن لقمة سائغة للمجرمين ومن يقف خلفهم.. يبيع شعبه ودماء شهدائه بالمجان.. وهذا ما لن نسمح به.
وقال الرئيس الأسد: البعض يتحدث عن الحل السياسي فقط والبعض يتحدث عن مكافحة الارهاب فقط وهذا الكلام غير دقيق فالحل يجب ان يكون حلا شاملا وفيه محاور.. فيه السياسي ومكافحة الارهاب وفيه محور ثالث مهم جدا هو الحل الاجتماعي ولدينا نماذج في حمص ودرعا تحديدا حيث تحسن الوضع بشكل كبير بسبب هذا الحل الاجتماعي فأشخاص وطنيون يمتلكون حسا وطنيا وانتماء وطنيا واخلاقا قاموا بمبادرات بين الدولة وبعض المغرر بهم من المسلحين والارهابيين واعطت نتائج هامة جدا على الواقع وهؤلاء الاشخاص لا ينتمون إلى احزاب وليس لديهم اي برنامج سياسي وليس لديهم سوى الانتماء الوطني وهذا النوع من المبادرات هام جدا وخاصة ان اي ازمة في اي وطن وحتى لو كانت جريمة عادية تتفاقم فعلينا ان نعود إلى الجذور الاجتماعية دائما.
وأضاف الرئيس الأسد: أوجه تحية إلى هؤلاء الاشخاص الذين انجزوا انجازات وطنية كل بحسب ما يستطيع وانا اعرف البعض منهم والتقيت بهم بشكل مباشر والبعض الاخر سمعت عنه ولكن هناك جنودا مجهولين ونوجه لهم التحية ونقول لهم نحن نعول كثيرا على مبادراتهم.
وقال الرئيس الأسد: قد يبدو من كل ما سبق أنه لا يوجد احد نحاوره وهذا الكلام غير صحيح.. فرغم كل ما سبق.. سنحاور ونمد يدنا دائما وأبدا للحوار.. سنحاور كل من خالفنا بالسياسة.. وكل من ناقضنا بالمواقف دون أن يكون موقفه مبنيا على المساس بالمبادئ والاسس الوطنية.. سنحاور أحزابا وأفرادا لم تبع وطنها للغريب.. سنحاور من القى السلاح لتعود الدماء العربية السورية الاصيلة تسري في عروقه.. وسنكون شركاء حقيقيين مخلصين لكل وطني شريف غيور يعمل من أجل مصلحة سورية وأمانها واستقلالها.
وأضاف الرئيس الأسد: وعليه وانطلاقا من ثوابتنا المبدئية وفي مقدمتها سيادة الدولة واستقلالية قرارها ومبادئ وأهداف ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي والتي تؤكد جميعها على سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.. وايمانا منا بضرورة الحوار بين أبناء سورية.. وبقيادة سورية.. ومن أجل استعادة المناخ الامن وعودة الاستقرار فان الحل السياسي في سورية سيكون على الشكل التالي:
المرحلة الأولى:
أولا: تلتزم فيها الدول المعنية.. الاقليمية والدولية بوقف تمويل وتسليح وايواء المسلحين بالتوازي مع وقف المسلحين للعمليات الارهابية.. ما يسهل عودة النازحين السوريين إلى أماكن اقامتهم الاصلية بأمن وأمان.. بعد ذلك مباشرة يتم وقف العمليات العسكرية من قبل قواتنا المسلحة التي تحتفظ بحق الرد في حال تعرض أمن الوطن أو المواطن أو المنشآت العامة والخاصة لاي اعتداء..
ثانيا: ايجاد آلية للتأكد من التزام الجميع بالبند السابق وخاصة ضبط الحدود..
ثالثا: تبدأ الحكومة القائمة مباشرة باجراء اتصالات مكثفة مع كل أطياف المجتمع السوري بأحزابه وهيئاته لادارة حوارات مفتوحة لعقد مؤتمر حوار وطني تشارك فيه كل القوى الراغبة بحل في سورية من داخل البلاد وخارجها.
وقال الرئيس الأسد:
المرحلة الثانية:
أولا: تدعو الحكومة القائمة إلى عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل للوصول إلى ميثاق وطني يتمسك بسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها ورفض التدخل في شؤونها ونبذ الارهاب والعنف بكل أشكاله.. بما يعني ان دعوة الحكومة للاحزاب وأطياف المجتمع هي لتحديد معايير هذا المؤتمر الذي سيعقد في المرحلة الثانية.. وبالنسبة للميثاق فهو ما سيرسم المستقبل السياسي لسورية ويطرح النظام الدستوري والقضائي والملامح السياسية والاقتصادية والاتفاق على قوانين جديدة.. للاحزاب والانتخابات والادارة المحلية وغيرها..
ثانيا: يعرض الميثاق الوطني على الاستفتاء الشعبي..
ثالثا: تشكل حكومة موسعة تتمثل فيها مكونات المجتمع السوري وتكلف بتنفيذ بنود الميثاق الوطني..
رابعا: يطرح الدستور على الاستفتاء الشعبي وبعد اقراره تقوم الحكومة الموسعة باعتماد القوانين المتفق عليها في مؤتمر الحوار وفقا للدستور الجديد ومنها قانون الانتخابات وبالتالي اجراء انتخابات برلمانية جديدة.. وكل ما يتعلق بالدستور والقوانين يمكن ان نضع قبله كلمة اذا أي اذا اتفق في هذا المؤتمر.. مؤتمر الحوار على قوانين جديدة أو على دستور جديد تقوم الحكومة بالعمل على اظهارها وتابع الرئيس الأسد:
المرحلة الثالثة:
اولا: تشكل حكومة جديدة وفقا للدستور الموجود في ذلك الوقت..
ثانيا: عقد مؤتمر عام للمصالحة الوطنية واصدار عفو عام عن المعتقلين بسبب الاحداث مع الاحتفاظ بالحقوق المدنية لاصحابها..
ثالثا: العمل على تأهيل البني التحتية واعادة الاعمار والتعويض على المواطنين المتضررين بالاحداث.
وأضاف الرئيس الأسد: وبالنسبة للعفو العام يكون مع الاحتفاظ بالحقوق المدنية لاصحابها لان الدولة يحق لها ان تعفو عن حقها او ما يسمى الحق العام ولا يحق لها ان تعفو عن حقوق الاشخاص.. واعتقد اذا وصلنا إلى هذه المرحلة فلابد ان يكون العفو عاما ليس من قبل الدولة ولكن من اصحاب الحقوق وعندها عمليا نصل إلى المصالحة الوطنية والكل يسامح الكل.
وقال الرئيس الأسد: ان هذه الملامح الرئيسية للحل السياسي كما نراه وهي مجرد عناوين بحاجة لتفاصيل وستكلف الحكومة بادارة هذا الموضوع وستقوم بوضع التفاصيل والتوسع في هذه العناوين وتقدم هذه الرؤية على شكل مبادرة خلال الايام القليلة القادمة وتتابع بعدها كل هذه المراحل حسب البنود المذكورة.
وأضاف الرئيس الأسد: دعونا نضع كل موضوع في سياقه فنحن نعيش الان في عصر التزوير والتأويل الخاطئ ولسنا من يؤول الامور لكن هذه الحالة العامة في تأويل الامور بعكس مقاصدها لذلك دعونا نضع الامور في سياقها ونصحح الافكار والمصطلحات التي تطرح وأضاف الرئيس الأسد:
أولا: بالنسبة لهذه الرؤية البعض سيتخوف منها وسيشعر بالقلق وسيعتبر أن فيها عودة إلى الخلف من الناحية الامنية لكن أنا أطمئن الجميع بأنه بالنسبة لمكافحة الارهاب لن نتوقف طالما يوجد ارهابي واحد في سورية وما بدأنا به لن نتوقف عنه فأي شيء نقوم به في هذه المبادرة لا يعني على الاطلاق التهاون في موضوع مكافحة الارهاب بل على العكس كلما تقدمنا في مكافحة الارهاب كانت هناك امكانية لنجاح هذه الرؤية.
وقال الرئيس الأسد:
ثانيا: هذه الرؤية اذا ارادوا تسميتها مبادرة أو رؤية أو افكارا فهي موجهة لكل من يريد الحوار ولكل من يريد أن يرى حلا سياسيا في المستقبل القريب في سورية وهي ليست موجهة لمن لا يريد أن يحاور وبالتالي سنسمع الان منذ أمس الكثير من الرفض من قبل الجهات التي تعرفونها ونحن نقول لهم مسبقا.. لماذا ترفضون شيئا هو ليس موجها لكم بالاساس كي لا يضيعوا وقتهم وأضاف الرئيس الأسد:
ثالثا: أي مبادرة تطرح من قبل أي جهة او شخصية او دولة يجب ان تستند إلى الرؤية السورية وهذا يعني أنه لا توجد مبادرة تحل محل ما يمكن أن نراه نحن كحل للازمة في سورية.. بمعنى أوضح أي مبادرة هي مبادرة مساعدة لما سيقوم به السوريون ولا تحل محلها.. وبعد طرح هذه الافكار من قبل الحكومة يجب أن تكون أي مبادرة تأتي من الخارج مستندة إلى هذه الافكار ومساعدة لها ولا داعي لان نضيع وقتنا ووقت الآخرين بمبادرات تخرج عن هذا السياق.
وقال الرئيس الأسد: بنفس الوقت اذا تساءلنا كيف يمكن للمبادرات الخارجية أن تساعدنا..
فهناك محوران.. محور العمل السياسي ومحور مكافحة الارهاب.. وفي المحور الاول لسنا بحاجة إلى مساعدة ونحن كسوريين قادرون على القيام بعملية سياسية متكاملة ومن يرد أن يساعد سورية بشكل عملي وفعلي وصادق ويرد النجاح فهو قادر على التركيز على موضوع وقف ادخال المسلحين والسلاح والمال إلى سورية.. وهذه رسالة لكل من يعمل من الخارج كي يعرف أين يركز.. ولا نريد أحدا يأتي إلى سورية ليقول لنا ما الذي يجب علينا فعله في العملية السياسية.. بلد عمره الاف السنين يعرف كيف يدير اموره وأضاف الرئيس الأسد:
النقطة الرابعة: أن نؤيد المبادرات الخارجية المساعدة لا يعني بأي شكل من الاشكال أن نقبل بتفسيرها ان لم يكن يتوافق مع رؤيتنا.. ولا نقبل بأي تأويل لهذه المبادرات الا بالطريقة التي تخدم المصلحة السورية.. وفي هذا الاطار اتحدث عن مبادرة جنيف التي ايدتها سورية ولكن كان فيها بند غامض هو بند المرحلة الانتقالية.. طبعا هو غير مفسر لسبب بسيط.. لاننا عندما نتحدث عن مرحلة انتقالية فأول شيء نسأله انتقال من أين إلى اين... أو من ماذا إلى ماذا... أن ننتقل من بلد حر مستقل إلى بلد تحت الاحتلال مثلا... هل ننتقل من بلد فيه دولة إلى بلد ليس فيه دولة وحالة فوضى مطلقة... أم هل ننتقل من قرار وطني مستقل إلى تسليم هذا القرار إلى الاجانب...
وقال الرئيس الأسد: طبعا الخصوم يريدون الثلاثة معا.. وبالنسبة لنا في مثل هذا الظرف المرحلة الانتقالية هي الانتقال من اللااستقرار إلى الاستقرار وأي تفسير اخر لا يعنينا.. أما في الاحوال الأخرى لو لم يكن هناك أزمة فالانتقال الطبيعي هو من وضع إلى وضع افضل.. هذا يأتي في سياق عملية التطوير وأي انتقال بالنسبة لاي مرحلة انتقالية يجب أن يكون عبر الوسائل الدستورية فبالنسبة لنا الان ما نقوم به.. هذه الافكار بالنسبة لنا هي المرحلة الانتقالية.
وأضاف الرئيس الأسد: خامسا: أي مبادرة قبلنا بها فلانها تنطلق من فكرة السيادة وقرار الشعب وفعلا المبادرات التي طرحت وتعاملنا معها تركز على هذه النقطة في المقدمة.. وبالتالي الاشياء التي يتفق عليها داخل سورية أو خارجها يجب ان تكون بقرار الشعب لذلك حتى الميثاق الوطني الذي يمكن ان يقر من قبل مؤتمر الحوار الوطني لن يمر من دون استفتاء.. يعني يجب أن يكون هناك استفتاء شعبي على أي شيء وخاصة في هذه الظروف الصعبة ونحن قلنا لكل من التقينا به..أي شيء أو فكرة تأتينا من الخارج أو الداخل يجب أن يمر عبر استفتاء شعبي ولن يكون عبر الرئيس أو الحكومة أو الحوار أو أي شيء اخر.
وقال الرئيس الأسد: ان ذلك يشكل نوعا من الضمانة لان نقوم دائما بخطوات تعبر فعلا عن توافق شعبي وعن مصلحة وطنية واذا فهمنا هذا الكلام البسيط والواضح فان كل من يأتي إلى سورية ويغادرها يعرف بأن سورية تقبل النصيحة لكنها لا تقبل الاملاء وتقبل المساعدة ولكنها لا تقبل الاستبداد.
وتابع الرئيس الأسد: بناء على ذلك كل ما يمكن أن تسمعوه أو سمعتموه في الماضي من مصطلحات وافكار واراء ومبادرات وتصريحات عبر الاعلام ومن مسؤولين لا تهمنا اذا كانت مصطلحات ذات منشأ ربيعي فهي فقاعات صابون كما هو الربيع عبارة عن فقاعة صابون سوف تختفي.
وأضاف الرئيس الأسد: ان أي تفسيرات لاي موضوع يخرج عن السيادة السورية بالنسبة لنا هو عبارة عن اضغاث احلام.. يحق لهم ان يحلموا ويستطيعون أن يعيشوا في عالمهم الحالم الخيالي ولكن لا يستطيعون ان يجعلونا نعيش في عالمهم الواقعي ولن نقوم بأي مبادرة أو عمل الا انطلاقا من الواقع السوري ومن مصلحة ورغبة الشعب.
وقال الرئيس الأسد: أيتها الاخوات..أيها الاخوة: الوطن يعلو ولا يعلى عليه.. وسورية فوق الجميع.. بالمبادرات السياسية نقويها.. وبالدفاع عن كل حبة تراب نحميها.. فالسوري ينبض تسامحا وعفوا .. لكن الكرامة والوطنية تسريان في عروقه.. وها هي الشرائح الاكبر هبت لمواجهة الارهاب.. فمنهم من تعاون باعطاء المعلومات القيمة للاجهزة المختصة ما مكنها من القيام بواجبها في احباط عمليات ارهابية مخططة ضد المواطنين.. ومنهم من انتفض في وجه الارهابيين وحرمهم البيئة الحاضنة سواء بالدفاع عن مناطقهم أو حتى بالخروج في مظاهرات ضد المسلحين القتلة واستشهد خلال ذلك.. ومنهم من دافع كتفا بكتف مع قواتنا المسلحة عن المدن والاحياء والبنية التحتية ولدينا نماذج كثيرة من هذه الحالات.. ولكن أذكر نموذجا واحدا في قرية صغيرة في أقصى الشمال السوري بمحافظة الحسكة اسمها رأس العين حيث قام الشباب الاشاوس في تلك القرية وهي على الحدود التركية مباشرة بالدفاع خلال عدة أيام ضد هجمات ارهابية متكررة وتمكنوا من دحر الارهابيين القادمين من تركيا فتحية لهذه القرية.
وأضاف الرئيس الأسد: ومنهم من حاور وأقنع وسامح وتسامح عبر مبادرات للمصالحة الوطنية على المستوى المحلي ما قطع الطريق على الارهابيين وحول اتجاه الحالة العامة من التصعيد إلى التهدئة وعودة الوئام. وقال الرئيس الأسد: هؤلاء المواطنون عبروا بأدائهم عن حالة وعي عميقة فالامان المنشود لا يأتي عبر الحياد والوقوف موقف المتفرج.. ولا عبر الهروب إلى الامام والانبطاح امام الخارج وعندما لا نكون بخير في وطننا فلن نكون بخير خارجه.. والوطن ليس لمن أقام فيه وحسب.. بل لمن دافع عنه.. ليس لمن نعم بخيراته وتفيأ بظلاله وعندما طلبه لم يجده.. هو لاولئك الذين لبوا النداء عندما ناداهم الوطن رغم أن كثيرا منهم غبنوا في كثير من المواقع والاحيان لكن عندما انتكس الوطن هبوا على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم قائلين.. هذا هو وقت العطاء فكان عطاؤهم دون حدود.. ومنهم من نال شرف الشهادة فأسقطت دماؤهم الربيع المزيف وحمت الشعب من الخداع الذي كاد أن يفعل فعله في البدايات.
وأضاف الرئيس الأسد: أسقطت دماؤهم ما سماه الغرب ربيعا زورا وبهتانا وكان نارا حاقدة حاولت حرق كل ما لامسته عبر طائفية بغيضة وحقد أعمى وتقسيم مقيت.. فما كان ربيعا الا لمن رسمه وخطط له وحاول تنفيذه وها هو يفشل.. فدماء هؤلاء الشهداء هي من حمت وستحمي الوطن والمنطقة.. وهي التي ستحمي وحدة أرضنا وتكرس تجانسنا واندماجنا وبنفس الوقت ستطهر مجتمعنا من الغدر والخيانة وتمنع سقوطنا الاخلاقي والانساني والحضاري لعقود وأجيال.. وهذا هو الانتصار الاقوى والاهم.. والوطن عندما ينتصر لا ينسى من ضحى من أجله ولان الوطن حق فسيعطي كل ذي حق حقه.
وقال الرئيس الأسد: تحية لاصحاب الحق الاكبر بالتحية.. رجال الجيش العربي السوري.. تحية إلى ضباطنا وصف ضباطنا وجنودنا البواسل الذين يبذلون العرق والدم من أجل سورية وهم يرونها اولى من أنفسهم ومما يملكون.. تحية إلى قواتنا المسلحة التي تخوض أشرس أنواع الحروب وهي مصممة على اعادة الامن والامان للمواطن عبر اجتثاث الارهاب.
وأضاف الرئيس الأسد: ان قواتنا المسلحة التي سطرت ملاحم البطولة بتماسكها وصمودها وبلحمتها الوطنية كانت انعكاسا لصمود الشعب وتماسكه فحافظت على المواطن عزيزا كريما امنا وحافظ الشعب عليها باحتضانه لها.. فالمجد لكل جندي قضى في المعركة وهو يدافع عن تراب البلاد والمجد كل المجد لكل جندي يمتشق سلاحه ودمه ليكمل مهمة من قضى.
وقال الرئيس الأسد: تحية خالصة أوجهها لكل مواطن قام بواجبه الوطني عبر وقوفه إلى جانب قواتنا المسلحة.. كل بطريقته وبامكانياته.. هؤلاء هم فخر سورية وعزتها وسيسطر التاريخ أسماءهم بحروف من نور ونار لانهم يكتبون التاريخ بدمائهم وشجاعتهم فكانوا ومازالوا رديف الجيش وحماة المواطن جنبا إلى جنب مع حماة الديار وأضاف الرئيس الأسد:
ايتها الاخوات.. ايها الاخوة:
أعلم كما تعلمون جميعا أن ما يمر به الوطن مؤلم وصعب وأشعر بما يشعر به معظم الشعب السوري من وجع بفقدان أحبة أو استشهاد أبناء وأقرباء.. فنار حقدهم طالت الجميع.. ودخلت نعوش الشهداء الطاهرة بيوت الكثيرين.. وأنا منهم لانني من الشعب وسأبقى كذلك فالمناصب زائلة لكن الوطن باق وأما دموع الامهات الثكالى فستنزل بردا وسلاما على أرواح أبنائهن الطاهرة ونارا وجحيما على القتلة المجرمين الذين سرقوا ضحكة أطفالنا وها هم يحاولون سرقة مستقبلهم ببلد امن قوى ومستقر.
وقال الرئيس الأسد: سورية ستبقى كما عهدتموها بل وستعود باذن الله أقوى مما كانت فلا تنازل عن المبادئ.. ولا تفريط بالحقوق ومن راهن على اضعاف سورية من الداخل لتنسى جولانها وأراضيها المحتلة فهو واهم..
فالجولان لنا وفلسطين قضيتنا التي قدمنا لاجلها الغالي والثمين.. الدماء والشهداء.. وسنبقى كما كنا ندعم المقاومة ضد العدو الاوحد.. فالمقاومة نهج لا أشخاص.. فكر وممارسة لا تنازلات واقتناص للفرص.. والشعب والدولة اللذان حملا أعباء ومسؤوليات الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة لعقود بكل ما حمله هذا الموقف من تحديات وأثمان دفعها كل مواطن سوري ماديا ومعنويا.. ضغوطا وتهديدات.. هذا الشعب وهذه الدولة لا يمكن أن يكونوا لاي سبب الا في نفس الموقع تجاه اخوتهم الفلسطينيين.
وتابع الرئيس الأسد: لذلك فان أي محاولة لزج الفلسطينيين في الاحداث السورية هدفها حرف البوصلة عن العدو الحقيقي وهي محاولات فاشلة قبل أن تبدأ.. فالفلسطيني في سورية يقوم بواجبه تجاه وطنه الثاني كأي سوري ونحن في سورية دولة وشعبا نحمل مسؤولية القيام بواجبنا نحوهم كواجبنا تجاه أي سوري.. فتحية لكل فلسطيني شريف في سورية صان العهد وقدر المواقف السورية وتآخى بالدم والمصير مع أخيه السوري ولم يعامل سورية كفندق للاستجمام يغادره حينما تشتد الظروف.
وقال الرئيس الأسد أيتها الاخوات..أيها الاخوة:
رغم كل ما خطط لسورية وما فعله القريب قبل الغريب فينا فلم ولن يستطيعوا أن يغيروا ما بأنفسنا لان ما فيها عظيم وقوي ومتين وعريق فالوطنية تسري في عروقنا وسورية أغلى من كل شيء..
وما عبرتم عنه من صمود قرابة العامين تجاه ما يجري يخبر الكون كله أن سورية عصية على الانهيار وأن شعبها عصي على الخنوع والذل وأن الصمود والتحدي متأصل في خلايا الجسد السوري..
نتوارثه جيلا بعد جيل.. كنا هكذا وسنبقى.. ويدا بيد ورغم كل الجراح سنسير بسورية ومعها إلى مستقبل أقوى وأكثر اشراقا.. سنسير بسورية ومعها.. سنسير إلى الامام ولن يخيفنا رصاصهم ولن يرهبنا حقدهم لاننا اصحاب حق والله دائما وأبدا مع الحق.