استطاعت محافظة ريف دمشق نفض غبار الإرهاب عنها والالتحاق بركب المحافظات والمدن المحررة، فبعد أن أزهرت الغوطة من جديد، بفضل تضحيات قواتنا الباسلة وصمود الأهالي، والقيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد حيث شكلت توجيهات سيادته المعايير الأساسية في رسم خريطة العمل للوزارات المعنية خلال الفترة القادمة، ولاسيما أن الحكومة أعلنت حالة استنفار بالتوازي مع انتصارات الميدان، حيث قامت المديريات والمؤسسات والهيئات بإعداد مصفوفة للأعمال المطلوبة والكلف التقديرية ومدة التنفيذ وتحديد الأولويات لإعادة إعمار وتأهيل ما دمره الإرهاب، مثل فتح الطرقات وإعادة الكهرباء والمياه، من أجل الإسراع في عودة الأهالي لمناطقهم بالتزامن مع عودة جميع الخدمات، والمباشرة في تأهيل البنى التحتية بحسب الأولويات، وسيكون هناك خطة توضع بمشاركة جميع الجهات محددة بفترة زمنية وسيتم تتبع تنفيذها من خلال الاجتماعات المستمرة مع اللجان التي شكلت لهذه الغاية، ومن خلال العمل الدؤوب والمستمر بحسب تأكيدات محافظ ريف دمشق المهندس علاء إبراهيم الذي بشر بعودة المحافظة آمنة بالكامل وطي صفحة الإرهاب خلال أيام قليلة مع عودة جميع أهالي المدن والقرى المحررة ومشاركتهم في عملية الإعمار والبناء.
محافظ ريف دمشق لفت إلى أن عودة الأمان للغوطة سينعكس إيجاباً على كل النواحي وخاصة القطاع الاقتصادي من خلال استثمار الأراضي الزراعية والإنتاج الحيواني، حيث تم دعوة فلاحي الغوطة لاستثمار أراضيهم والبدء في العمل مع تقديم كل التسهيلات والدعم بعد تحديد احتياجات القطاعات الزراعية بحسب الضرورة ليتم التدخل وتزويده بما يحتاج لإنقاذ ما تم زراعته من المحاصيل، وخلال الجولات الميدانية تبين وجود عشرة آلاف رأس من البقر ما تزال موجودة، لقح منها حتى الآن /1800/رأس بقر، إضافة إلى/6000/ رأس غنم، وتم تقديم 600 طن من العلف، وتم الإشراف على عملية التوزيع لتأمين دفعة إسعافية للمربين، إضافة إلى تزويد الأبقار والأغنام ببعض الأدوية وأحجار الملح، والعمل مستمر بالتعاون مع الجهات المختصة لإعادة منظومة المياه للمزروعات وخاصة أن المياه متوفرة في الغوطة الشرقية.
وعن القطاع التربوي أشار المحافظ إلى أن الغوطة كانت تحتضن /206/ مدارس، بينها /152/ مدرسة خارج الخدمة، وخلال الكشف الفني على المدارس تبين وجود /51/ مدرسة متضررة بشكل جزئي، و/60/ مدرسة متضررة بالكامل، والخطة الإسعافية جارية لتقييم 36 مدرسة من أجل إعادة تفعيلها ووضعها في الخدمة في قرى وبلدات الغوطة الشرقية، وتم البدء بالعمل في سقبا وحرستا وكفر بطنا وحزة وعين ترما وعربين وزملكا. حيث عاد أكثر من 12 ألف طالب إلى المدارس في الغوطة الشرقية ومراكز الإقامة المؤقتة حتى الآن. واعتبر المحافظ القطاع الصحي أنه من أولويات العمل الحكومي، حيث تمت المباشرة على الفور بترميم 3 مراكز صحية في بلدات سقبا وعين ترما وحزة متوفر فيها الأدوية، وتقدم مختلف العلاجات، وإيصال الكهرباء من خلال بطاريات أو عبر الطاقة الشمسية، وتم إجراء كشوف تقديرية لباقي المراكز الصحية، وسيتم المباشرة بالعمل في زملكا وحمورية والنشابية بالتعاون مع بعض الفعاليات الأهلية، وفيما يخص مشافي حرستا ودوما والمليحة والنشابية وضع كشف تقديري لحرستا والنشابية خلال فترة وجيزة ستكون جاهزة للبدء في العمل، مشدداً على أهمية دور المجتمع المحلي في إعادة الإعمار والحياة إلى البلدات التي تم تحريرها من خلال خلق روح التشاركية بين المجتمع الأهلي والقطاع الحكومي في تأهيل وصيانة المرافق العامة، وتأهيل البنى التحتية من خلال المساهمة من المجتمع المحلي في الوقوف إلى جانب الحكومة إيماناً منهم بوحدة المصير.
وعن قيمة الموازنة المالية المخصصة ضمن خطة الحكومة في الغوطة الشرقية أوضح المحافظ أنه بعد الزيارة التاريخية للسيد الرئيس بشار الأسد إلى الغوطة، والتي شكلت عناوين كبيرة للنصر ودليل عمل لكل مؤسسات الحكومة عقد السيد رئيس مجلس الوزراء مع 11 وزيراً في اجتماع موسع في مبنى محافظة ريف دمشق، حيث أبدى رئيس الحكومة كل استعدادات الحكومة للارتقاء بمستوى خدماتها بما يتناسب مع انتصارات أبطال الجيش العربي السوري، لتكون الميزانية مفتوحة حتى عودة الغوطة أفضل مما كانت، علماً أن المحافظة ستقدم كل التسهيلات للصناعيين والحرفيين للعودة إلى الغوطة.
ولم تقف المحافظة عند حدود بناء الحجر والخدمات، بل عملت وفق خطة واضحة ونوعية ومتميزة لإعادة البناء على صعيد الإنسان والدعم النفسي، حيث أفاد المحافظ بأنه تم تشكيل لجنة مركزية على مستوى المحافظة تتمثل فيها جميع الجهات والمديريات ذات العلاقة، وتقوم بإدارة هذا الملف وبشكل يومي مع تشكيل لجان إشراف لإدارة كل مركز من مراكز الإيواء المؤقتة، وجرى توزيع الجمعيات الأهلية العاملة على أرض المحافظة مع تكليف مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بالتنسيق ما بين الجمعيات ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري، إضافة إلى قيام مديرية التربية بحصر وتقييم أوضاع الأطفال والطلاب ممن هم في سن الدراسة من أجل البدء بمتابعة دراستهم وفقاً للمنهاج الأساسي، ووفقاً للمنهاج (ب).
وحول إجراءات المحافظة لتفعيل الوحدات الإدارية وتقييم رؤسائها وأعضاء المجالس المحلية بين المحافظ أنه تنفيذاً لخطة الإنماء الاقتصادي والاجتماعي والإداري التي أقرها مجلس الوزراء للغوطة الشرقية ومدينة دوما مؤخراً، حيث تم إعادة تشكيل مجالس محلية مؤقتة في بلدات الغوطة الشرقية، مع اقتراح تشكيل مجالس محلية جديدة في مدن وبلدات /دوما وعربين وجسرين وزملكا وحتيتة التركمان والشيفونية وأوتايا ومديرا وزبدين وشبعا وعين ترما /، ويأتي التشكيل الجديد لمدن وبلدات الغوطة الشرقية لأن تكون هذه المجالس فعالة في تنفيذ الخطة الحكومية بعد تحريرها من الإرهاب. مضيفاً أنه تم توزيع العمل بين الوحدات الإدارية في باقي البلدات مع التشديد على القيام بالعمل تحت طائلة المحاسبة، وهذا التقييم سيجري كل شهر، كما تم تشكيل لجان فنية برئاسة أعضاء المكتب التنفيذي بالمحافظة وعضوية رؤساء الوحدات الإدارية ورؤساء المكاتب الفنية للكشف عن الأضرار الخاصة ورفع النتائج إلى لجنة إعادة الإعمار.
تأكيدات المحافظ على دور رؤساء الوحدات لم تقتصر على بلدات الغوطة، حيث حمل جميع رؤساء الوحدات الإدارية في المحافظة مسؤولية أي تقصير وإهمال، علماً أن المحافظة أعفت أكثر من رئيس وحدة إدارية مؤخراً، وهناك 4 رؤساء بلديات سيصار إلى تغييرهم بعد إنهاء التحقيق في ملفاتهم، وسيتم دراسة كل ملفات البلديات من أجل تقيم أدائها. وكشف المحافظ عن دراسة لإجراء انتخابات محلية قريباً، وذلك في ظل عودة الأمن والأمان للمحافظة كلياً.
وحول المخططات التنظيمية في المحافظة، نوه المحافظ بالمرسوم الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد المتعلق بالقانون 10 للعام 2018 الذي يسمح بإحداث مناطق تنظيمية ضمن المخططات التنظيمية على كامل الجغرافيا السورية، استناداً إلى دراسات ومخططات عامة وتفصيلية مصدقة، ودراسات اجتماعية ذات جدوى اقتصادية، مضيفاً أن القانون (10) يأتي كداعم لتنفيذ المخططات التنظيمية وتطويرها في المناطق التي سيتم إحداثها وفق أحكامه، وكتعديل للمرسوم التشريعي (66) للعام 2012 بحيث يتيح للوحدات الإدارية من خلال مرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية والبيئة إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن مخططاتها التنظيمية.
وأوضح المحافظ أنه سيتم تقييم المخططات التنظيمية لكامل الوحدات الإدارية في مناطق الغوطة الشرقية، وذلك بما ينسجم مع تعميم رئاسة الوزراء القاضي بالتوسع الشاقولي، والأخذ بعين الاعتبار خصوصية الغوطة ومواصفاتها، مع العمل على تحقيق الانسجام مع التخطيط الإقليمي لمحافظة ريف دمشق وأصالتها وتاريخها، ليكون الرد على المهزومين من المعارضة التي تشيع وتروج لأكاذيب بعد انتصارات الجيش، وذلك بالحديث عن التغيير الديمغرافي والتهجير القسري، حيث اعتبر المحافظ أنها الأسطوانة ذاتها التي نسمعها مع كل مرة تتحرر فيها منطقة من المناطق وتعود إلى حالتها الطبيعية، لكن تضليلهم وخداعهم الذي اتخذ إشكالات عديدة، وكان التركيز على هذا الجانب لأنهم كانوا يتوقعون منه مكاسب وتعاطفاً من المواطنين، مؤكداً أن الواقع يثبت زيف ادعاءاتهم وكذبهم، وما حصل سابقاً في منطقة الزبداني من تهويل وانتشار للشائعات حول التغيير الديموغرافي والتهجير سقط واندثر وعادت الأهالي إلى مناطقهم، وباتوا أكثر أمناً وأماناً، علماً أن الإرهابي الذي غادر الغوطة غادرها بناء على طلبه؛ لأنه يعرف تماماً أنه منبوذ وخارج على أعراف بلدته وأهله وقوانين الدولة، ولن يقبل به من هم على قرابه منه. وطمأن المحافظ جميع مواطني المناطق المحررة، مؤكداً عودة قريبة جداً لبلداتهم وقراهم بالتزامن مع عودة الخدمات الأساسية.