باشرت الجهات المحلية بعدتحرير جميع أحياء مدينة حلب إزالة آثار الدمار في هذه المناطق، لنرى هذه المرة بالأفعال وليس بالأقوال نجد الأيدي النظيفة تتكاتف لتعيد حلب إلى ألقها، وخلال الشهر الأول بعد التحرير عاد 22 ألف طالب وطالبة إلى مدارسهم الـ36 التي هُجّروا منها قبل أربع سنوات، ومع ميزانية مفتوحة لإعادة الإعمار، حلب ترتبط أرقامها بمدى تقدم العمل في إعادة الإعمار، وخلال إعداد هذا الحوار كانت المياه قد وصلت إلى مدينة حلب من بحيرة الأسد على نهر الفرات وبشكل تدريجي بعد أن تم تحرير منطقة الخفسة حيث توجد محطات الضخ وكذلك تم تأمين مسار خط المياه «الجر الرابع» وتقوم ورشات مؤسسة المياه بحلب بعملها في توزيع المياه على أحياء المدينة. هذا ما كشف عنه محافظ حلب حسين دياب عبر لقاء اجرته معه جريدة الوطن
• ما نسبة الضرر في المناطق المحررة وما مدى إمكانية معالجة ذلك؟
مما لا شك فيه أن حجم الضرر كبير جداً في الأحياء المحررة فالإرهاب قام بتدمير ممنهج لهذه المناطق وما تزال لجان التقييم تتابع عملها بالتوازي مع عملية إعادة البناء والإعمار التي انطلقت منذ اللحظة الأولى لتحرير مدينة حلب من الإرهاب، والضرر في بعض هذه المناطق قد يتجاوز الـ50 بالمئة وفي مناطق أخرى أقل من ذلك وهذا يتطلب جهوداً مضاعفة لترحيل الأنقاض وفتح الشوارع كمرحلة أولى ومن ثم تنفيذ مشاريع التأهيل، ونؤكد في هذا الصدد أن الدعم الحكومي لحلب كبير ومطلق سواء من رئيس مجلس الوزراء أو كافة الوزراء المعنيين ولأول مرة لم يتم رصد مبالغ محددة لمحافظة حلب بعد زيارة الفريق الحكومي إلى حلب برئاسة رئيس مجلس الوزراء والتي تمت بداية العام الحالي وبعد أيام قليلة من الانتصار وإنما تم منح حلب ميزانية مفتوحة مرتبطة بتقدم الأعمال المنجزة ومتطلبات كل مرحلة من مراحل البناء وإعادة الإعماروقد قمنا في المحافظة بتشكيل عدة لجان فنية منها لجنة وضع إستراتيجيات إعادة الإعمار التي تقوم برسم الخطوط العريضة لبرامج وخطط العمل بالإضافة لتشكيل لجان للمتابعة والإشراف ويضاف لذلك العمل على إبرام العقود مع الشركات الإنشائية وقد بلغ إجمالي هذه العقود حتى الآن 26 عقداً أغلبها لمشاريع فتح الشوارع وترحيل الأنقاض وبعض هذه العقود تم إنجازه والقسم الآخر قيد التنفيذ والمتابعةوأود أن أشير في هذا الصدد إلى أننا نطمح لتسريع الأعمال المنفذة ولكن في بعض الأحيان تكون هناك أمور خارجة عن إرادتنا كقلة عدد الآليات مقارنة مع حجم العمل الهائل المطلوب تنفيذه وكان هناك تواصل مع الوزارات المعنية وتم رفد حلب بآليات ثقيلة وهندسية من محافظات أخرى والعمل قائم ومستمر ونؤكد أن عملية البناء وإعادة الإعمار مستمرة وبجهود الجميع ستعود حلب أفضل مما كانت.
• كيف تقوم اللجان بتوثيق الضرر وإحصاء الأماكن المتضررة وتقدير تكاليف إعادة إعمارها؟
طبعاً هذه اللجان موجودة على أرض الواقع سواء ما كان منها مخصص لمتابعة موضوع صرف التعويضات للمتضررين أم لجان حصر الأضرار العامة والخاصة وهي ما تزال تتابع عملها ومن الصعوبة حالياً إعطاء رقم دقيق أو تقريبي لتكلفة إعادة الإعمار ويضاف لذلك العديد من اللجان الأخرى التي تعمل ضمن منظومة واحدة لتشخيص الواقع في كل منطقة وتحديد الأضرار الناجمة عن الإرهاب ووضع خطط وبرامج العمل وتحديد الأولوياتكما شكلنا لجنة خاصة لوضع الرؤى لتحسين واقع استثمار المشاريع في الجهات العامة ومنها مجلس المدينة على سبيل المثال الذي يملك العديد من مطارح الاستثمار ويمكن عبر سلسلة مدروسة من الإجراءات تحسين عائدية هذه المشاريع وبما يوفر مصادر دخل إضافية لمجلس المدينة تنعكس إيجاباً على عمله الخدمي.
• يبدو أن الوسط التجاري في حلب وخاصة المدينة القديمة قد تضرر بشكل كبير ما السبيل لإعادته إلى العمل؟
ما لحق بالمدينة القديمة من ضرر يفوق الوصف سواء القسم التجاري والذي يشكل نسبة كبيرة منها كالأسواق القديمة وغيرها أو باقي الأماكن الأثرية والدينية والكل يعرف أن التعامل مع المباني الأثرية يحتاج لآليات معينة وجهود مضاعفة وتقنيات خاصة.والأسواق القديمة نالها الجزء الأكبر من الضرر سواء من تدمير لها أو نهب وسرقة لمحتوياتها من قبل العصابات الإرهابية وهذه الأسواق في أغلبيتها أملاك للأوقاف وهناك لجان قانونية تعمل على حل بعض الأمور القانونية لإعادة تفعيلها من جديد.وبالنسبة للوسط التجاري وأسواق المدينة نحن نتابع مع غرفة التجارة مختلف الخطوات ونقدم كل التسهيلات لتسريع عودتها للعمل بالإضافة للعمل على تجهيز أماكن خاصة لإنشاء أسواق شعبية عليها وهي خطوة بديلة ومساعدة على تنشيط العجلة التجارية في المدينة.
• ما مدى تضرر البنية التحتية من شبكات صرف صحي ومياه وكهرباء وهاتف؟
تضرر البنية التحتية هو جزء من الضرر الذي لحق بحلب بفعل الإرهاب وهناك قطاعات تضررت أكثر من سواها كالهاتف والكهرباء فأضرار هذين القطاعين قد تكون شبه كاملة فمراكز الهاتف والكهرباء في الأحياء المطهرة نهبت ودمرت من الإرهابيين وكذلك الشبكات والمراكز التحويلية وسواها وبنسبة أقل بعض الشيء كانت أضرار قطاع المياه والصرف الصحي ولكن بالمجمل الأضرار هائلة ونحن قد بدأنا بتنفيذ حلول بديلة لتوفير هذه الخدمات للمواطنين ريثما يتم انجاز أعمال الصيانة المطلوبة
• هل هناك عودة حقيقية للأهالي للأحياء المحررة أم إن هذه العودة رمزية؟
الكثير من الأسر عادت إلى أحيائها ومنازلها التي تم تطهيرها من الإرهاب وهذه العودة ليست رمزية بل حقيقية وكمؤشر على هذا الأمر أنوه أن أكثر من 22 ألف تلميذ وتلميذة التحقوا مجدداً بالمدارس البالغ عددها 36 مدرسة تمت إعادة افتتاحها في تلك الأحياء كمرحلة أولى بعد تأهيلها وتجهيزها بكل مستلزمات العملية التربوية وهذا الرقم يعطي مؤشراً حقيقياً عن كثافة العودة لهذه الأحياء من الأهالي.
• هل هناك إمكانية لعودة سريعة لمؤسسات الدولة في الأحياء المحررة؟
طبعاً هذه الإمكانية متوافرة وعلى سبيل المثال الكثير من الدوائر الخدمية التابعة لمجلس مدينة حلب قد عادت لمقارها الأساسية في الأحياء المطهرة كحي هنانو وقاضي عسكر وغيرهما وكذلك المراكز الصحية تمت إعادة تفعيل العديد منها في هذه الأحياء ومثلها أقسام الشرطة حيث تم تفعيل ستة أقسام شرطية في هذه الأحياء ولا تزال المساعي مستمرة لإعادة الدوائر الحكومية الأخرى لمقارها الأساسية ومن المعلوم للجميع أن منطقة السبع بحرات كانت تضم العدد الأكبر من مراكز مقار المؤسسات الحكومية وهذه المنطقة متضررة بشكل كبير والعمل مستمر من جميع المديريات الحكومية للعودة لمقارها الأساسية ولكن قد يتطلب هذا الأمر بعض الوقت
• يعتبر الريف المتنفس الطبيعي للمدينة ماذا أعددتم لإعادة نشاط الريف؟
الريف ليس المتنفس الطبيعي للمدينة فحسب بل هو الخزان الغذائي لها وبالتالي حرصنا على دعم الريف الحلبي بكل احتياجاته وبما يحقق تعافي قطاعاته المختلفة وخاصة القطاع الزراعي ونعمل على توفير المحروقات للمزارعين وتنفيذ المشاريع الخدمية الهادفة لتحسين واقع مناطق الريف وإعادة تفعيل الدوائر والمؤسسات التي اضطرت للتوقف نتيجة الظروف الراهنة وتأمين وسائل النقل والخدمات الأخرى إضافة لذلك نحن نعمل على متابعة أوضاع كل منطقة ريفية يحررها الجيش العربي السوري من الإرهاب لتشجيع الأهالي على العودة إليها وإعادة زراعة أراضيهم بمختلف المحاصيل الزراعية.
• تعتبر حلب مدينة صناعية بامتياز ما الإجراءات التي قامت فيها المحافظة لعودة الصناعة لازدهارها؟
مما لا شك فيه أن إعادة دوران عجلة الصناعة في حلب هو من أكبر التحديات التي تواجهنا وذلك بسبب الضرر الكبير الذي لحق بالقطاع الصناعي بشقيه العام والخاص وبالتالي كان لا بد من إجراءات استثنائية لهذه المرحلة الصعبة والاستثنائية فالمدينة الصناعية بالشيخ نجار والتي كانت قبل عام 2011 صرحاً اقتصادياً وصناعيا رائداً على مستوى المنطقة وفيه أكثر من 1200 معمل لمختلف أنواع الصناعات توفر أكثر من 60 ألف فرصة عمل أصابها ضرر كبير نتيجة الإرهاب وبعد تحريرها بفضل بطولات وتضحيات جيشنا البطل منتصف عام 2014 عملنا على إعادة تنشيط المعامل فيها وحالياً فيها 338 معملاً منتجاً ونعمل من خلال مجلس إدارة المدينة الصناعية على توفير كل دعم ممكن للصناعيين من خلال توفير المشتقات النفطية لهم ومنح الصناعيين المتعثرين منهم أكثر من فرصة لتسديد ما عليهم من مبالغ لقاء اكتتابهم على مقاسم صناعية أو تخصيصهم بها وكما تعلمون قامت الحكومة مؤخراً بتخصيص نحو ملياري ليرة سورية للمدينة الصناعية لتنفيذ العديد من المشاريع فيها لتحسين بيئة العمل والاستثمار وهذه المشاريع تشمل مشاريع متعلقة بتوفير المياه وتنفيذ وصيانة مشاريع الصرف الصحي وإنارة الشوارع وتجهيز مراكز تحويلية كهربائية ومرافق خدمية أخرى وتوفير آليات هندسية ومعدات نقل وغيرها.
ويضاف إلى ذلك متابعة عمل المناطق الصناعية الأخرى في العرقوب والليرامون والكلاسة والشقيف وغيرها وبعض هذه المناطق كالليرامون والكلاسة الضرر فيها كبير جداً والعمل مستمر لتنشيط العملية الإنتاجية فيها وتذليل كل العقبات التي تعترض الصناعيين إضافة لدعم الصناعات المهجرة وتسهيل إجراءات الحصول على التراخيص الإدارية والصناعية للمنشآت تقديراً لظروف الصناعيين.
• كيف تنظرون إلى واقع حلب حالياً وهل أنتم متفائلون بتحسن خدمي كبير ينعكس على واقع أهالي حلب وحياتهم اليومية؟
إذا ما أجرينا مقارنة بين الواقع الخدمي في حلب حالياً مع الفترة الماضية يتبين حدوث تحسن ملحوظ على أكثر من صعيد ولكن حتى اللحظة نحن غير راضين عن أداء بعض المؤسسات ومساعينا مستمرة لرفع مستوى الأداء فيها سواء من خلال إجراء التغييرات في مفاصلها الإدارية أو تطوير برامج عملها بما يسهم في استثمار مواردها الفنية والبشرية بشكل أفضل، كما أننا متفائلون بأن الأيام القادمة ستكون أفضل من الأيام الماضية وخصوصاً مع توالي انتصارات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة والصديقة وهو ما يبشر بانتهاء مشكلة العطش وانقطاع الكهرباء عن أهالي حلب الذين صبروا طويلاً وتحملوا الكثير ومن حقهم علينا أن نعمل كل ما بوسعنا لتحسين الأوضاع الخدمية في حلب.